قصص أطفال : جُحَا وَكلام النّاس
قصص قبل النوم
قال جحا لابنه : هذا يوم جميل يا أمير...
فالشمس مشرقة والسماء صافية، ولذا فإنّي
سأذهب إلى سوق القرية المجاورة؟
قال أمير فرحاً : الأمر كما ترى يا أبي؟
وسأعدّ لك الحمار وأذهب معك...
قال جحا : لا مانع من أن تكون معي يا أمير..
هيا بنا..
أمير : لقد أعددت الحمار يا أبي فهيا بنا إلى
السوق.
قال جحا : هيا يا أمير اِركب أنت الحمار،
وسأسير أنا..
قال أمير : لا يا أبي هذا لا يصيح. اركب أنت
وسأسير أنا ..
قال جحا : أشكرك يا أمير، ولكن والدك بدين
كما ترى، وبعض السير يفيده...
وهكذا ركب أمير الحمار وسار جحا خلفه.
فرآهما رجلان، وقال أحدهما للآخر :
انظر كيف يركب الغلام، ويترك والده المسكين
الذي رباه يسير على قدميه؟
فما أسوأ هذا الأدب.
قال أمير : يا أبي ألم أقل لك.. تفضل أنت
بالركوب وسأسير أنا؟
فركب جحا الحمار..
فقابلتهما جماعة فقال أحد أفرادها :
يا لقسوة قلب هذا الرجل. أيركب الحمار، ويدع
هذا الصغير الضعيف يسير على قدميه.
توقف جحا بالحمار قائلاً : ماذا نفعل لنرتاح
من ألسنة الناس؟
قال أمير : إذن نركب أنا وأنت يا أبي ...
وهكذا سار الحمار وفوق ظهره جحا وابنه.
قال جحا : وأخيراً وجدنا طريقة معقولة يا
أمير بعيدة عن النقد...
وما إن سارا قليلاً حتى صادفهما آخرون.
وقال بعضهم لبعض : اُنظر إلى قسوة جحا..فهو
ذو جسم ضخم، ويركب هو وابنه معاً هذا الحمار الضعيف الهزيل. أليست في قلبه رحمة؟
جلس جحا على الأرض قائلاً :
لقد أصبحت في حيرة من أمر هؤلاء الناس، فكيف
نصل إلى رضائهم؟
فكر جحا ثم قال : اِسمع يا أمير لنترك الحمار
يسير، ونحن نسير على أقدامنا خلفه...
فصادفتهما جماعة من الناس فقالوا : اُنظروا
إلى هذين الأحمقين اللذين يسيران على أقدامهما في هذا الحر اللافح، والغبار
المتكاثف دون أن يركب الحمار واحد منهما ...
حمل جحا الحمار وقال : ما رأيك يا أمير في
هذا التصرف، لنترقب ماذا يقول الناس الآن... فقد يرضيهم ذلك.
صادف جحا وابنه رجلين فقال أحدهما للآخر :
يا للعجب العجاب اُنظر إلى جحا يحمل حماره.
لقد فقد عقله.
قال جحا لابنه : لقد جرّبنا كل طريقة ولكن لم نسلم من كلام الناس..
وصدق المثل : "الناس لا يعجبهم العجب،
ولا الصيام في رجب".