قصص أطفال : جُحَا وَاللصّ
قصص قبل النوم
كان جُحَا يمتَلك مَتجراً كبيراً يدرّ عليه
ربحاً وَفيراً، وكان يعمل لديه رجل يساعده في إدارة المتجر.
وفي يوم سرق الرجل أموال جحا كلّها، وترك
المتجر خاويا، وهرب.
وقف جحا أمام المتجر يبكي على ضياع أمواله
وكيف يردّها وهوّ لا يعرف عن الرجل شيئاً؟
هرب الرجل السّارق بعيداً عن أعين الرقباء،
وتنكّر في زيّ التجار، وأخذ يتمتع بحريته، ويستثمر الأموال التي اختلسها..
حزن جحا على فقد أمواله حزناً شديداً، وبث
العيون، وأرسل الرسل يفتشون عن هذا السارق الهارب، ولكن أحداً لم يعثر على أثر.
ولم يرَ جحا بُدّا من أن يبحث بنفسه عن
السارق الهارب الذي سلبه أمواله وبضائعه ولم يبق له شيئاً، فارتدى ثيابا قديمة
كأثواب المتسولين، وجعل يجوب البلاد، ويستجدي من يقابلهم.
مرّت شهور، وجحا ينتقل من بلدة إلى بلدة، ولم
يعثر على السارق حتّى أنه فقد الأمل في العثور عليه.
وبينما كان جحا يهمّ بالعودة إلى بلده صادفته
قافلة تجارية قادمة من بلاد بعيدة، فاقترب منها ليتبيّن مرافقيها من التجار
والعمال.
وإذا هو وجها لوجه أمام السارق الذي كان يلبس
الملابس الفاخرة التي لا يرتديها إلاّ كبار التجار.
أمسك جحا بالرجل، وأخذ يصيح قائلاً : لن تفلت
مني أيها السارق اللئيم... لقد سرقت أموالي وهربت أيها الخائن.
كبر على السارق الذي ذاق طعم النعمة، وتمتع
بالثروة والجاه. أن يقبض عليه جحا، ويفضحه أمام أتباعه، ومرافقيه، فأمسك بتلابيب
جحا وصاح فيه : لقد وقعت في يدي أيّها العامل اللعين.
قال الرجل : أتسرق مالي، وتهرب، ثم تجيء
اليوم، وتدعي زورا. أنني أعمل لديك؟
لعلك ضيعت أموالي.. فلما نفذت جئت تحتال علي
بالكذب.
قال الرجل : لن أتركك أيها اللص.. تعال معي
إلى القاضي لتنال جزاءك العادل.
قال جحا : نعم هيا بنا إلى قاضي هذه البلدة.
وأمام القاضي قص كل منهما قصته، وادّعى : أنه
السيد وأن غريمه هو الذي سرق الأموال وهرب. تحير القاضي؛ ولم يدرك أيهما صاحب
الحق، ولا كيف يقضي بينهما.
قال القاضي لا بد أن يكون أحدهما صادقاً
والآخر كاذباً، فكيف أهتدي إلى الحقيقة؟
وفجأة أشار القاضي إلى نافذة الحجرة وقال لهما
: ليطل كل منكما من هذه النافذة، وليجعل رأسه خارجها.
ولما وقفا كما يريد القاضي، قال للحارس
الواقف بجانبه شاهراً سيفه : أيّها الحارس اِضرب رأس السارق.
سمع السارق الحقيقي أمر القاضي فأسرع بحركة
غير إرادية..
ورفع رأسه المتدلي من النافذة.. أما جحا فلم
يتحرك من موقفه.. حينئذ عرف القاضي السارق، وحكم عليه بالسجن، ورد المال المسروق
إلى صاحبه (جحا).