قصص قبل النوم : قصّة الجدّة
تقدّم لكم(ن) مدوّنة حكَوَاِتي باقة مُتفرّدة من قصص : قصص أطفال، وقصص قبل النوم، وقصص حب قصيرة، وقصص أطفال للنوم، ناهيك عن قصص واقعية مكتوبة، فضلاً عن قصص الأنبياء.
كان الأشقاء الثلاث : فريد، وسعد، وحسام،
يعيشون مع جدتهم في منزل كبير.
وأمام المنزل كانت هُناك حديقة. كان فريد يُحبّ
قراءة قصص المغامرات، وذات ليلة قرأ قصّة عن شجرة تتحدّث إلى النسيم اللطيف، وحكى
النسيم مزحة للشجرة، فضحكت الشجرة بصوت عالٍ حتّى إنّ الطيور التي كانت قد استراحت
فوق أغصانها أصابها الخوف وطارت هاربة. في الصباح التالي عندما ذَهب فريد إلى
الحديقة رأَى دُودة صغيرة تتحدّث إلى أوراق الشجرة.
كانت الأوراق تحتضن الدودة الصغيرة بالقرب
منها، وأخذ فريد يراقبها لبعض الوقت.
ثم استدار فرأى جدته تجلس على مقعد بالحديقة
مع شقيقيه : سعد وحسام، كانت تقرأ لهما إحدى القصص. كان فريد داخل عالم الخيال،
وظنّ أن المقعد كأنه مسحور، وتخيل أنه يتأرجح ويمكنه أن يطير كذلك، وشعر أيضاً أنّ
جميع الجالسين عليه كانوا يتأرجحون، فانجذب نحو المقعد.
اقترب من المقعد، فرأى أنه ثابت تماماً في
الأرض، فخرج من عالم الخيال ونظر مرة أخرى، فرأى جدته تجلس وتقرأ إحدى القصص
لشقيقيه، وكل منهما يستمع إلى القصة بشغف بالغ. كان شديد الرغبة في الانضمام
إليهما، اقترب من الجدة وانتظر حتى تنظر إليه، ولكن لم ينتبه إليه أحد منهم؛ لأنهم
كانوا مشغولين بما يفعلون.
كانت الجدة تحكي لهما قصة القرود وبائع
القبعات، وكانت الحكاية تدور كالتالي :
كان بائع القبعات يستريح قليلاً تحت إحدى
الأشجار، فقامت بعض القرود بسرقة القبعات ثم تسلقت الشجره. وارتدت القبعات بنفس
الطريقة التي يرتديها بها بائع القبعات. وبعد محاولات عديدة لم يستطع استعادة
القبعات من القرود، ثم قام البائع الذكي بإلقاء قبعته على الأرض، فقامت كل القرود
بتقليده، وألقت كلّ القبعات على الأرض بنفس الطريقة، فجمعها البائع ومضى في طريقه
سعيداً. وجد فريد القصة ممتعة جدّاً، وأراد أن يجلس هو أيضاً على حجر الجدة، فقامَ
يدفَع حُساماً جانِباً.
انزعج حسام، ولم يرغب في أن يضايقه أحد، فصاح
قائلاً : "اِذهب بعيداً عني. ماذا تفعل هنا ؟ لا تقاطعنا".
تحول انتباه الجميع نحوه، فتوقفت الجدة عن
قراءة القصة، وأخذ سعيد أيضا يتحدث إلى
فريد بطريقة غير لائقة. شعر فريد بالاستياء والخيبة، كان هو أيضاً متلهفا لسماع
القصة، وفكّر قائلاً : " لماذا لا يمكنني الانضمام إليهم؛ فهي جدتي أنا أيضا
على كل حال. إن شقيقي أنانيان ولا يهتمان بي".
لم يعجبه الموقف المتعالي لشقيقيه.
أدركت الجدة أن فريدا شديد الرغبة في
الانضمام إليهم، وأرادت أن تجلسه على حجرها؛ لأنه كان أصغرهم على الإطلاق. فكرت
قائلة : "ولكن لابدّ أن يتعلم كل من حسام وسعد السلوكيات الطيبة". لذلك قالت
لهما : "أرجو أن تدعوا فريدا. أعتقد أنه يريد هو أيضا الاستماع للقصة".
لم يهتم الشقيقان أيّ اهتمام بما قالته الجدة.
وفي هذا الوقت مدّ فريد يديه إلى الأمام، طالباً من الجدّة أن تسمح له بالجلوس على
حجرها.
قال حسام لجدته : "ولكنني جئت إلى هنا
أوّلاً، ولن أسمح له بذلك"، وتابعه سعد أيضا بقوله : "أنت جدتي ولن أذهب
بعيداً".
وجدت الجدة نفسها في حيرة، ومع ذلك فقد
ابتسمت وقالت لهم : "أنتم جميعا تريدون الجلوس على حجري، يا ليتني عملاقة
ليسعكم حجري كلكم". توقفت عن قراءة القصة، وبدأت تخبر سعدا وحساما عن الأخلاق
والسلوكيات الطيبة، قالت لهما : "ماذا يكون فريد بالنسبة لكما ؟ "فأجابا
على الفور: "إنه شقيقنا".
فقالت جدتهما : "فكما أنا جدتكما، أنا
جدة فريد. أليس كذلك؟" وافق الصبيان وقالا : "نعم". كانت الجدة
واثقة من أنهما سيسمحان لفريد بالانضمام إليهم بكل تأكيد، فانتظرت استجابتها لبرهة يسيرة.
فهم سعد كل شيء، وهو أكبر الثلاثة، وأدرك أنّه
لابدّ أن يكون أكثر اهتماماً بأخيه الصّغير، وهكذا قال لجدّته : "سأجلس إلى
جانبك تماماً وسيجلس فريد على حجري. اتفقنا ؟".
سرت الجدة لذلك جدّاً.
وعند سماع فريد كلام سعد، شعر بسعادة شديدة،
واقترب منه ووضع ذراعيه حول عنقه، وقال "أخي الكبير العزيز أنت عظيم".
قبل أخاه وضمه إلى صدره. ابتسم حسام، وبدأ كل
منهم يحتضن الآخر، فشعرت الجدة بالرضا التام لقرارهم وأخلاقهم الطيبة.
الحكمة : تحدث إلى الآخر دائما بأدب؛ فمن غير
اللائق التحدث إليهم بطريقة غير مهذبة.