قصص أطفال : جحا والرُمّان
جحا والرُمّان
خرج أحد العلماء
من بلدته في جولة في البلاد المجاورة؛ ليباحث علمائها في أمور شتى، ويناقشهم فيها.
وكلما ذهب إلى
بلدة، جلس مع علمائها، وحاورهم في أمور كثيرة مختلفة، فلم يستطيع أحد أن يغلبه،
وكان هو دائما راجح الرأي.
ومرة كان يجلس مع
علماء إحدى البلاد، يناقشهم، ويحاورهم في جميع الأمور، فلما ضاقوا به، قال أحدهم
له : ليتك تجالس جحا، وتحاوره.
قال العالم : ومن
جحا هذا ؟
قال أحد الحاضرين
: إنه رجل واسع العلم، راجح الرأي والفكر، وقال آخر : ومع جحا يُصبح الغَالب مغلُوباً.
قال العالم في تحد
: أين أجد جحا هذا؟
قال أحدهم : إنّه
في بلدة تدعى (قونية)، وهي قريبة من بلدتنا هذه.
نهض العالم، وقال
: لا بد أن أتوجه لمقابلته.
ركب العالم حماره،
وتوجه إلى بلدة جحا، وهو في شوق لرؤيته، ومحاورته.
وفي الطريق، أراد
العالم أن يحمل معه هدية قيمة إلى جحا، فوجد استراحة بالطريق، فجلس فيها، وكان بها
بعض المسافرين، فعلم منهم أن أهل (قونية) يحبّون الرمان حبا جما.
اشترى العالم
عشرين رمانة، وذهب بها إلى (قونية)، وعلى مشارف البلدة رأى رجلاً يحرث الأرض، وكان
الرجل هو جحا نفسه.
اقترب العالم من
الحارث، وسأله : أين أجد جحا أيها الرجل؟
فقال جحا متعجبا :
ولماذا تسأل عنه؟
قال العالم : سمعت
أنّه واسع العلم والخبرة، راجح العقل، وأحب أن أسأله عن بعض المسائل، كما أني أحمل
له هدية غالية، فأين أجده؟
قال جحا : اسألني
أنا بدله، فإن أجبتك فلست محتاجا إلى أن تتوجه إليه.
فكر العالم قليلا، وقال في نفسه : إنها فكرة لا
بأس بها.
سأله العالم
سؤالا، فقال له جحا : قبل أن أجيب عن سؤالك أعطيني رمانة، فلا أحد يحصل على
المعرفة مجانا. فأعطى العالم جحا رمانة، فأجابه جحا.
سأل العالم جحا
سؤالا آخر، فأجابه جحا بعد أن أخذ منه رمانة كما فعل أولا، وهكذا أخذ جحا يتناول رمانة
بعد أخرى حتى نفذ الرمان كله من العالم.
سأل العالم جحا
سؤالا آخر، وقال له : لقد انتهى الرمان الذي معي.
قال جحا : كذلك
انتهت الأجوبة، فدعني أكمل حرث الأرض.
فكر العالم قليلا،
وقال : إن حراث الأرض في هذه البلدة أعلم مني، فكيف يكون كبيرهم جحا، ثم أدار
حماره، وعاد إلى بلده نادما متحسرا.